- الصحيفة: الرياض
- تاريخ النشر: 1436/10/13 هـ
- رابط المقالة
جولة سياحية في الرياض أيام العيد قمت بها مع الصديق الأستاذ فهد إبراهيم العسكر دفعتني لكتابة هذه الخواطر. بدأت جولتنا بعد انقضاء أيام العيد الثلاثة، وكانت تتم في الفترة الصباحية. وقد نتناول الإفطار في أحد المطاعم فنلتقي بشباب يواصلون الليل بالنهار ويتناولون وجبات لا تنتمي إلى الوجبات الرئيسة المعروفة مصحوبة بمشروبات غازية في السادسة صباحا!!
طبعاً ليس بالجديد علينا أن الرياض ازدادت اتساعاً وتمددت أفقياً إلى درجة كبيرة جعلتنا نتساءل عن موضوع الخدمات، وعن الخط النهائي الذي سيتوقف فيه التمدد. كانت حركة المرور خفيفة بسبب الإجازة والسفر. تأملنا في الطرق السريعة والجسور والأنفاق. اتفقنا أنها من أفضل الطرق في العالم، وأن مشكلة المرور سببها مخالفة السائق لأنظمة وقواعد المرور. زرنا الدرعية، وجدناها تلبس ثوباً جديداً، تدمج ماضيها بحاضرها، تجتذب الزوار من المواطنين والمقيمين. ثم قادنا الحنين إلى المواقع القديمة، الشميسي، عتيقة، شارع العطايف، البطحاء، حراج بن قاسم، منفوحة. في المواقع القديمة تشم رائحة التاريخ، تصافحك البساطة، البعد عن المظاهر، والجدية في العمل. تلاحظ وجود مشاة في الشوارع، وهي حركة شبه مفقودة في المدن الكبيرة بعد أن قضت عليه السيارات والكسل. ومن الموضوعية أن نشير الى أن أمانة مدينة الرياض حققت إنجازات ملحوظة ومتميزة لتشجيع الناس على ممارسة المشي.
المفاجأة كانت حراج ابن قاسم بموقعه الجديد. قبل أن نصل الى الموقع الجديد كان رأينا أن هذا السوق كان يجب أن يطور دون حاجة إلى نقله إلى موقع جديد، حتى لا يفقد هويته وتاريخه. وبعد وصولنا إلى الموقع الجديد كان لنا رأي آخر حيث وجدناه جيداً في مساحته وتصميمه مقارنة بالموقع الأول. الغريب أن هذا السوق محاط بالأسوار وله بوابات ضيقة جداً لا تتناسب مع حجم ومساحة السوق.
لاحظنا استمرار وجود المتسولين عند إشارات المرور غير عابئين بمكافحة التسول. الشوارع تحولت إلى دكاكين تبيع كل شيء. المواطن ترك الأسواق للعمالة الأجنبية. فرص عمل ذهبية تبحث عن المواطن الذي يتركها ويتجه إلى مكاتب الاستقدام.
في الرياض مشروعات ضخمة من أبرزها مشروع المترو. جهود كبيرة ومنظمة بذلت لتسهيل حركة المرور، لكن تظل المشكلة عدم تعاون السائق واستعجاله في الوصول إلى مبتغاه، لا يطيق الانتظار، لا يقبل أن يسبقه أحد، يطبق نظرية (إن لم تكن ذئباً أكلت الذئاب) لهذا السبب أنشئت المطبات الصناعية وتكاثرت وأصبحت شراً لابد منه.
محطة الوقود الجديدة على طريق مطار الملك خالد محطة نموذجية في التصميم والخدمات. ليت هذا النموذج يكون ملزماً.
وهناك ملاحظة عامة تتعلق بشيء مفقود أو موجود ولا يعرف مكانه وهو دورات المياه العامة. وهذه ملاحظة تنطبق على معظم المدن!
الرياض شهدت وتشهد نمواً سكانياً وعمرانياً يتطلب مجهودات مضاعفة من أجهزة الخدمات. وكما جاء في تقرير تحت عنوان (أنسنة الرياض) نشرته “الرياض” يوم السبت 9 شوال 1436 من إعداد الزميل على الحضان فإن العاصمة بحاجة للكثير من مساحات الترفيه والنواحي الجمالية وإلى مزيد من الحدائق وممرات المشاة والتشجير. أمانة مدينة الرياض نفذت وتنفذ مشروعات ريادية في مراعاة الاحتياجات الإنسانية، ولها تجارب ناجحة في توفير أرصفة مخصصة للمشاة وإنشاء الحدائق. ويلاحظ أن هذه الأرصفة بدأت تنفذ في المدن الأخرى.
في التقرير المشار إليه يتحدث الأمير الدكتور عبدالعزيز العياف أمين مدينة الرياض سابقاً عن تجربة الأمانة في موضوع البعد الإنساني فيشير إلى أنها رحلة شاقة لكنها كانت رحلة سعيدة له ولكثير من الشركاء العاملين داخل الأمانة وخارجها. والملفت للنظر والحديث للأمين السابق أن كثيرًا من برامج الأنسنة التي تفاعل معها سكان المدينة بإيجابية لم تكن بالمكلفة مادياً ولم تحتج إلى طاقات بشرية كبيرة ومع ذلك تركت آثاراً إيجابية في حياة السكان.
القضية قضية تكاملية ولهذا يشير د. عبدالله الفايز مستشار في العمارة والتخطيط، في نفس التقرير إلى نقطة مهمة وهي دور الجهات الأخرى ومنها المرور في العلاقة بين الإنسان والبيئة وأعطى مثالاً على حقوق المشاة وأهمية وضع إشارات الوقوف للمشاة وخاصة في الأحياء السكنية.
إن من الإنصاف القول إن أمانة الرياض قطعت شوطاً طويلاً في مشروع أنسنة الرياض، وفي السنوات الأخيرة تنوعت الفعاليات والأنشطة في الأعياد والمناسبات الوطنية، والمتوقع تحقيق المزيد حتى لا يكون الترفيه مقتصراً على الدوران بالسيارة وزيارة المطاعم.
الرياض مدينة عالمية بسكانها ومساحتها ومكوناتها وخدماتها ويصعب الإحاطة بها في مقال صحفي هو عبارة عن خواطر ناتجة عن جولة لم تكن كافية للوصول إلى كل المواقع، وغير كافية أيضاً لتكوين آراء دقيقة أو أحكام قاطعة حين تكون المعلومات المتوفرة غير كافية.