- الصحيفة: جريدة الرياض
- رابط المقالة
قال صاحب السمو الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف، أمين مدينة الرياض السابق، نائب رئيس مؤسسة الرياض الخيرية للعلوم، رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان: أن تكريم أهالي الرياض لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- هو تكريم مستحق لرجل زرع في نفوسهم ولسنين طويلة منهج التكريم والوفاء والاحتفاء.
وقال في حديث ل”الرياض” من حسن الطالع لهذه المملكة وأهلها أن أراد الله لها سلمان ملكاً يمدّ إليها ما جبل عليه من خير ويقدّم لها ما له من خبرة ودراية ستنقلها بحول الله إلى رفعةً أعلى وسموّ وأبحر الأمير الدكتور عبدالعزيز بن عياف في حديث ذي شجون، مبرزاً ملامح من النهج الإداري والتنموي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-:
تألق تاريخي.. وإنجاز مسطّر بأحرف من نور
يحمل تاريخ المملكة العربية السعودية مساحة واسعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أيّده الله فلأكثر من خمسين عاماً كان حفظه الله ذلك الحاضر المتألّق، والفاعل الإيجابي في جميع قضايا الوطن وهو القريب الخبير في كل ما يدور في أروقة الحكم والإدارة والمستشار الأمين لولاة الأمر. ومنذ عهد الملك الموحد عبدالعزيز طيب الله ثراه، وأبنائه الملوك من بعده سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله وولاة العهد سلطان ونايف -رحمهم الله- جميعاً، ظل سلمان بن عبدالعزيز مشاركاً ومسانداً وعضداً أميناً بارّاً بهم جميعاً.. تجده دائماً قريباً وحاضراً وملمّاً بقضايا المملكة الداخلية والخارجية وقدم فيها من الإنجاز والفكر والجهد ما سيظلّ مسطّراً بأحرف من نور على صفحات التاريخ.
تواصل مستمر ومباشر مع المسؤولين.. ويعبّر عن وطنيته الحقيقيّة باحتوائه ودعمه للكفاءات السعودية في أي موقع مسؤولية
عنوان للشهامة والمرؤة والعدل
شاهدت وعن قرب ولمدة خمسة عشر عاماً خلال عملي أميناً للرياض تحت مظلة توجيهاته -حفظه الله-، كيف كان لصيقاً بالناس يقضي حاجاتهم ويساعدهم في شؤونهم. وكبرت الرياض مع السنين وزاد عدد سكانها ليصبح بالملايين بعد أن كان بمئات الآلاف وسلمان هو سلمان في تحمّله وفي بذل جهده وجاهه وماله. وقد كان متابعاً دقيقاً لشؤون المواطنين وكان عنواناً للشهامة والمرؤة والعدل والانتصار للحق لكل مواطن أو مواطنة. كان يأتيه بعض المواطنين من مناطق أخرى بشكوى أو بطلب، وكان -حفظه الله-، يخبرهم بأنه أمير للرياض ولا يمكنه التدخّل في شؤون خارج ولايته، وكانوا يردّون بأنهم أنّما أتوا لسلمان بن عبدالعزيز والقصص في ذلك كثيرة.
في مدرسة عاشق التنمية
عندما تجول بي الذاكرة في المشاريع التي قام عليها -حفظه الله-، إبان توليّه إمارة الرياض سواء مباشرة أو مساندةً أو دعماً في كافة مدن ومحافظات ومراكز منطقة الرياض أتذكر بأنها أعداد وأنواع لا تحصى. وكانت له دائماً اليد الطولى فهو لا يوفّر جهداً في إقناع مسؤول أو الكتابة لآخر أو الرفع لولاة الأمر بطلب من أجل ذلك. يبذل نفسه وبكل أريحيّة في أي جهد للتنمية والتطوير. مشاريع كثيرة تتبع مؤسسات ووزارات مختلفة لو تمكّنت لنطقت باسم سلمان في جدرانها وفي أركانها. كان حفظه الله، بمثابة القلب النابض في عجلة التنمية والتطوير يحاول إيصالها إلى كلّ مدينة أو قرية أو مركز أو هجرة. هذا هو سلمان المحب والعاشق للتنمية والمحارب البارع من أجل تحقيقها في مدينته ومنطقته الرياض.
لا أظن أن مدينة على الأرض حظيت بعلاقة كالتي حظيت الرياض بها بسلمان. أولاها أجمل أوقاته وأثمن جهده وغاية حبّه فكانت الرياض التي ستبقى آثاره وتأثيره فيها وفي أهلها وسكانها ما بقي الدهر. وأحمد الله سبحانه وتعالى أن جعلني من المحظوظين بنيل شرف العمل وسعادة الأداء تحت مظلّته -حفظه الله-. وسيبقى ذلك وسام فخر لي وتاج اعتزاز فقد ترك ذلك الكثير مما تزهو به الذاكرة وتسعد به النفس. وكان وما زال معلّمي الأول الذي نعمت بتوجيهاته العملية والشخصية.. توجيهات الأب لابنه والأستاذ لأحد طلابه، وما زلت ذلك الطالب المنبهر والزاهي بأستاذه، المستفيد من خبرته المتجدّدة دائماً والتي تكشف في كل موقف جانباً متميزاً من جوانب شخصيته المتعدّدة والمتكاملة التي كان لها التأثير الكبير في مجريات حياتي. فقد انتقلت من العمل رئيساً لقسم التخطيط العمراني في جامعة الملك سعود إلى العمل أميناً لمدينة الرياض، وأتاح ذلك لي فرصة تاريخية للالتحاق بمدرسته -حفظه الله-، خاصة في مجال الإدارة المحليّة. وبالإضافة إلى مهامي الرسميّة فقد تعرّفت منه وعملت في مجالات الخدمة المجتمعيّة والعمل الخيري. كما تعلّمت منه كيف يكون حبّ الوطن ممارسةً من خلال العمل والخدمة العامة. وقد كان العمل تحت توجيهه -حفظه الله-، أشبه بالتعلم والتدريب المستمر المصحوب بالتفكير الثاقب والعمل الدؤوب والحرص على تميّز الإنجاز. ولم يقتصر انبهاري واستفادتي على سماته الإداريّة فحسب، بل تشرّفت بمتابعة ذلك الرجل العملاق المتميّز بمعرفته لتاريخ وجغرافية الوطن السياسيّة والاجتماعيّة والمكانيّة، بالإضافة إلى تميّزه في قيادة عجلة التنمية والتطوير، عدا ما يتمتع به من علاقات اجتماعية واسعة ومباشرة يسعى دائماً لتنميتها وانتشارها في كل أنحاء الوطن.
قوًّة في القرار واحترام للوقت
يظل الحديث عن الملك سلمان بن عبدالعزيز رغم متعته وغناه، ليس بالأمر السهل فهو حديث عن شخصيّة فذّة، يمتدّ أثرها وتأثيرها لعقود من السنوات، ليس فقط في منطقة الرياض ولكن في أرجاء الوطن. وبالنسبة لي فالأمثلة عن السمات والملامح الإداريّة له -حفظه الله-، كثيرة ككثرة أيام العمل التي تشرّفت فيها بالعمل معه، وككثرة الأعمال المرتبطة مباشرةً أو غير مباشرة بأمانة منطقة الرياض، والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، واللجان المختلفة، والجمعيات والمؤسسات الخيرية والأعمال المنبثقة منها، بالإضافة إلى مناسبات ومشاريع الرياض المتعددة وغيرها الكثير الكثير. ويتميّز الملك سلمان بالقدرة الفائقة على الإنجاز، بما تحويه هذه الكلمة من متطلّبات متعدّدة، من قوًّة في القرار، واحترام للوقت، وحرص على الانضباط وتواصل مستمر ومباشر مع المسؤولين فهو رجل لماح ذو خبرة واسعة وطويلة، وهو قائد يوجّه من يعمل معه توجيهاً مباشراً واضحاً، وهو مسؤول جادّ متابع لواجباته قبل الآخرين. وهو صاحب قرار عملي شجاع يبت في الأمور ولا يعلّقها، ويحترم الوقت ويستفيد منه بشكل عملي جداً. وعلى الرغم من كثرة مشاغله فإنه يتيح الفرصة للمسؤولين للقاء به والتواصل مباشرة ومن دون أي تعقيدات، وهو شخصية تتجلى منها القوة في الحق، ويكون أقوى وأشد حين يكون الأمر على نفسه ومن حوله.
لا يحب الروتينيّة ويجنح إلى الفكر وإلى المبادرات الجديدة.. وهو عنوان للوفاء الممزوج بالإنجاز
كلمات لا تنسى
تعود بي الذاكرة لكلمات لم أنسها وقد مرّت عليها عدة سنين، وأجد أنها خاطبت الملك سلمان بشكل أقرب إلى الحقيقة. لا أذكر المناسبة ولكني أذكر الكلمات، وهي لمعالي الدكتور محمد عبده يماني -رحمه الله-، خاطب بها الملك سلمان، أمير الرياض آنذاك، في إحدى المناسبات ب (أصحاب السمو الملكي الأمراء سلمان بن عبدالعزيز) وظن البعض أنه أخطأ، إلا أنه اتضح أنه قصد ما قاله بدقّة وعناه عن معرفة، فالملك سلمان هو ابن الملك الموحد عبدالعزيز الذي تمثّل سيرة والده -رحمه الله-، وهو حاكم الرياض وعاشقها، وهو رجل التنمية ورائدها، وهو الإداري المتمكّن، وهو العمراني الطموح، وهو المثقّف الحكيم، وهو إنسان الخير المخلص، وهو الصديق الوفي لكل فئات المجتمع، وهو الدّاعم لرجال الأعمال، وهو المساند لرجال الثقافة والإعلام والتاريخ، وهو المتوثّب لكلّ مشروع تنموي، وهو الإنسان الواصل الوفي المشارك للناس في مناسباتهم أفراحاً وأتراحاً، وهو الموسوعة التاريخيّة الملمّة بتاريخ المملكة القديم والحديث، وهو العارف الخبير بجغرافية المملكة، وهو الفريد في معرفة الرجال وتقييمهم، وهو قبل كل شي المؤمن الذي ينبع من روح دينية قوية وفطرة نقية صبغت سلوكه ونظرته وحكمه على الأمور.
أسلوب إداريّ خاص
الملك سلمان بن عبدالعزيز إداري استثنائي في إدارته، وعملاق في أدائه، يجمع بين المركزيّة واللامركزيّة في أسلوب إداريّ خاص. وقد تمثّل في إدارته الميزان المناسب بينهما حسب ظروف العمل وما يقتضيه الأمر من تفويض السلطة والصلاحيّات وتحديد المسؤوليّة والمحاسبة عليها. وتراه معبّراً عن وطنيته الحقيقيّة باحتوائه ودعمه للكفاءات السعودية في أي موقع مسؤولية. فمدرسة سلمان حاضنة للكفاءات صانعة للرجال، تحثًّ وتشجّع على العمل بروح الفريق. وكان يردد حفظه الله دائماً انه لايعمل وحده، بل يعمل بمن معه من الرجال الذين أعطاهم الثقة. وقد انعكست هذه السمة على جميع أركان البيئة الإدارية تحت قيادته -يحفظه الله- بحيث كانت جميع الأجهزة والإدارات تعمل بروح الفريق، وتسعى للتنسيق فيما بينها ومؤازرة بعضها لبعض، ولم يكن يقبل بغير ذلك.
بلا شك فإن هذه الإدارة المتميّزة تبلورت من خلال شخصيّة فذّة استوعبت التاريخ الإسلامي والعربي والسعودي بشكل متميّز. والملك سلمان رجل محافظ يحنّ لماضيه ويغار على تاريخه وجذوره، ويسعى للمحافظة والاستلهام لأصالة وطنه وثقافته. وهذا مما يميزّه -حفظه الله-؛ فقراءته للتاريخ السياسي والاجتماعي للمملكة منذ الدولة السعودية الأولى تركت أثراً إيجابيّاً في تعامله مع كثير من القضايا سياسيّاً وإداريّاً واجتماعيّاً. وهو بذاته حفظه الله، موسوعة لخارطة سياسيّة تاريخيّة اجتماعيّة للمملكة. ويتميّز عن غيره بأنه يفوق الباحث بسعة اطلاعة ومتابعته وتمحيصه للمعلومة ودائماً ما كان يناقش المختصين والباحثين في مواضيع كثيرة ومختلفة. لذلك فلا غرابة أن تكون مكتبته الخاصة في بيته تفوق كثيراً من مكتبات الجامعات. وتقديره للتراث والتاريخ هو تقدير العالم بالأمور متعديّاً في ذلك الكثير من القادة الإداريين. ومن يستعرض تاريخ التنمية بمدينة الرياض سيلحظ الدور القيادي له -حفظه الله-، في إنقاذ الكثير من المواقع الأثريّة والشواهد التاريخيّة التي كانت عرضة للاندثار تحت وطأة عجلة التمدن والتنمية. فوقفته أيّده الله، المشرّفة والجادة في وسط الرياض هي من الوقفات التي تحسب له في المحافظه على تاريخ المدينة وهويتها العمرانيّة. والمشاريع التي تم ويتم تنفيذها ضمن مفهوم ثقافة المدينة وتاريخها متعدّدة، منها تطوير منطقة قصر الحكم وحي السفارات، ومركز الملك عبدالعزيز التاريخي، ومشروعات تطوير الدرعية ومشروع تطوير وادي حنيفة، ومشروع إحياء وتطوير وادي السلي وغيرها الكثير، وكان بالإمكان أن تمثّل تلك المشاريع نمطاً آخر لا ينتمي إلى بيئة المدينة وتاريخها وثقافة مجتمعها. إن تحقيق معادلة عصريّة الرياض والاحتفاظ بتاريخها تعود لشخصية الملك سلمان الواثقة بانتمائها، والمعتزّة بماضيها، والسعيدة بحاضرها، والمتفائلة بمستقبلها. ولا شك أن استيعابه -حفظه الله-، لتاريخ المملكة السياسي والاجتماعي والعمراني واعتزازه به له بالغ الأثر وهي رمزيّة ودافع لاعتزازه بوطنه بجميع مناطقه وكل مدنه وقراه.
«رياض سلمان» فيها من المشروعات ما لا يوجد في غيرها..والاحتفاء بقادتها ورموزها تحول إلى مشروعات إنسانيّة
فكر تخطيطي استراتيجي استشرافي للمستقبل
هذا التميّز والاقتدار في الجانب السياسي والتاريخي والاجتماعي ترافق معه وتغذّى منه وغذّاه فكر تخطيطي استراتيجي استشرافي للمستقبل، أحد ملامحه ما أشار في أكثر من مناسبة بأن زيادة عدد سكان الرياض معادلة تحتاج إلى عناية ومعالجة، فتركّز السكان في المدن الكبرى ليس إيجابياً على المدن ولا على الوطن بوجه عام. وهو ممن نادوا بضرورة توفير فرص العمل والخدمات التعليميّة والصحيّة في المدن الصغيرة والمحافظات، وعدم تركيزها في المدن الكبيرة، لأنها عناصر رئيسيّة تحفّز سكان المدن الصغيرة والمتوسطة على الاستقرار فيها والتخفيف من وتيرة الهجرة إلى المدن الكبيرة. وهذا التوجه هو ماتم البدء به على مستوى المملكة وفي كل مناطقها. وبالنسبة للرياض فهو -حفظه الله-، من حال دون بناء جامعتي الأمام والملك سعود متجاورتين في موقع واحد، وهو من أنقذ موقع نخل سلام من الإزالة وتحويله إلى مجمع تعليمي لرئاسة تعليم البنات وسعى إلى تحويله لمنتزه عام، وهو من سهّل تحويل نادي الفروسية بالملز لمنتزه عام بدلاً من بيعه كأرض وتحويله لمبان خاصة، وهو من سعى لتحويل ثلاثة ملايين متر مربع في الجزء الشمالي الغربي من مطار الملك خالد إلى منتزه عام قريباً من بنبان. الأمثلة كثيرة لعل الظروف تسمح لتوثيقها فلكل مشروع في الرياض قصة وجهد يقف خلفها سلمان بن عبدالعزيز.
أفكار ريادية ومبادرات
يأبى سلمان بن عبدالعزيز إلا أن يكون متألّقاً متميّزاً في الإدارة والتنمية، لايحب الروتينيّة ويجنح إلى الفكر وإلى المبادرات الجديدة، ساهم ذلك في أن تكون الرياض أنموذجاً ينظر إليه وإلى تجاربه من قبل المناطق الأخرى نظرة اقتداء. ففكرة الملك سلمان في إنشاء الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض منذ أكثر من 35 عاماً جنت المدينة ثمارها على مدى السنين الماضية. وساهمت أفكاره في إنشاء شركتي (المعيقلية) و(الرياض للتعمير) كأذرع استثماريّة للأمانة في تنمية المدينة. واستمر هذا النهج الريادي المتمثّل في طرح وتبنّي الأفكار الرائدة، ومن آخرها ما عملت عليه أمانة منطقة الرياض بتوجيهه في التعامل مع مدينة الرياض كمجموعة مدن في مدينة، وذلك بإنشاء 15 مركزاً إداريّاً يضم كلّ منها فروعاً للإدارات الحكومية، كالإمارة والبلديّة وكتابة العدل والمحكمة والشرطة والبريد والجوازات وغيرها، بحيث يكون النطاق المكاني لكل مركز إداري من تلك المراكز مدينة بحد ذاتها. وهذا التوجّه ضمن رؤيته -حفظه الله-، الداعمة للا مركزيّة وتفويض المزيد من الصلاحيّات لفروع الإدارات الحكوميّة في المدينة. وقد أثبتت تلك الأفكار الرياديّة التجربة نجاحه. وهاهي مدن كثيرة في المملكة قد بدأت للتو في محاكاة تلك التجارب وغيرها كثير مما نفذته الرياض منذ عقود لتطوير إمكانات المدينة الإداريّة والتنمويّة.
العاصمة تقع في سويداء قلب الملك ولا ينافسها إلا حبه الأكبر لمكة المكرمة والمدينة المنورة
الوطن في قلب سلمان
الرياض عاصمة وقلب المملكة العربية السعودية، وتقع في سويداء قلب الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولا ينافسها في ذلك إلا حبه الأكبر لمكة المكرمة قبلة المسلمين، والمدينة المنورة مهاجر ومستقرّ رسول الهدى صلى الله عليه وسلم. ودائماً نرى السعادة والفرح يعلوان محيّاه الكريم عند إقرار المشاريع لهاتين المدينتين العظيمتين. أما الرياض فهو ينظر إليها بصفتها العاصمة التي تمثّل المملكة بثباتها وريادتها ومحافظتها وأمنها وأمانها، ويتطلّع إلى أن تعكس هذه المعاني الإيجابيّة، وأن تكون مصدر إشعاع تنموي وتطويري لباقي مدن المملكة. وما تمّ في الرياض يكاد أن يكون قريباً من المعجزة، فالرياض مدينة تكبر ويتزايد سكانها وبوتيرة عالية، فخلال السنوات الخمسين الماضية استمرّ عدد سكانها في التضاعف كل عشر سنوات تقريباً، أي أن كل عشر سنوات تأتي رياض جديدة بجانب الرياض، ما يعني الحاجة الى توفير النسبة نفسها من المرافق والخدمات. وبجانب ذلك حقيقة ثانية تعزّز من التحدي ألا وهي أن الدعم المالي والدعم البشري لإدارة المدينة لم يكن مفتوحاً بما يتناسب مع ما ذكر في الحقيقة الأولى، لذلك فإن ما وصلت إليه الرياض من التطوير والازدهار جدير بالإشادة ولولا الله ثم دعم وجهود ومثابرة الملك سلمان -حفظه الله- لما وصلت المدينة إلى ما وصلت اليه.
عنوان وفاء ممزوج بالإنجاز
الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، عنوان للوفاء الممزوج بالإنجاز، وخير شاهد على ذلك أن رياض سلمان فيها من مشاريع الوفاء ما لا يوجد في غيرها من المدن كمّاً ونوعاً. إنها ثقافة اختطها وحافظ عليها متمثّلاً في ذلك رؤية ونهج الملك عبدالعزيز طيّب الله ثراه. حيث تعوّدت الرياض المدينة الاحتفاء بقادتها ورموزها، وتميّزت بترجمة تلك الاحتفاءات إلى مشاريع إنسانيّة تفيد وتبقى وهذا هو النهج الذي نهجة سمو أميرها في استثمار مثل هذه المناسبات لما فيه خير الوطن والمواطن بإقامة مشروعات نافعة يعود خيرها على الجميع ومن تلك المشاريع:
المدرسة التذكارية: بعد عودة الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، من رحلته إلى مصر عام 1365 ه وجه بتحويل تكلفة الاحتفال لإنشاء مدرسة سميت بالمدرسة التذكارية وهي قائمة إلى اليوم. مكتبة الملك فهد الوطنية: بمناسبة مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمة الله-، 1403 هـ
مركز الأمير سلمان الاجتماعي: احتفاء من أهالي الرياض بصاحب السمو الملكي الأمير سلمان عام 1409هـ
جامعة الأمير سلطان: احتفاء بعودة سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله-، من رحلته العلاجية عام 1418 هـ
مركز الملك عبد العزيز التاريخي: بمناسبة الاحتفاء بمرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية في الخامس من شهر شوال عام 1419هـ
حدائق الملك عبدالله: بمناسبة مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، 1426هـ
- برنامج الأمير سلطان للخدمات الإنسانية: بمناسبة عودة سمو الأمير سلطان للرياض عام 1430هـ
- واحة الأمير سلمان للعلوم: تكريم الأهالي لسمو أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز عام 1431ه
يفوق الباحث بسعة اطلاعه وتمحيصه للمعلومة.. ومكتبته الخاصة في بيته تفوق كثيراً من مكتبات الجامعات.
شرف العمل مع رمز الوفاء
لا أخفي سعادتي وتشرّفي بأن كنت من ضمن فريق العمل الذي عمل على إقامة بعض من تلك المشروعات ومنها تأسيس جامعة الأمير سلطان الجامعة الأهلية الأولى في المملكة فجامعة الأمير سلطان مشروع جامع يمثّل الوفاء للراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله. وقد قدّمه أهالي الرياض، وعلى رأسهم الملك سلمان -حفظه الله-، بعد عودة الأمير سلطان من رحلة علاجيّة، فسلمان الوفي أحبّ كعادته أن يكون الاحتفاء بالأمير سلطان احتفاءً لائقاً نافعاً للمجتمع باقياً لا ينتهي بانتهاء المناسبة. ووفاءً وتكريماً للملك سلمان حفظه الله، عندما كان أميراً للرياض وتقديراً من الجامعة لدوره الريادي، سواءً في الإدارة المحليّة أو في تشجيعه المستمر ودعمه السخي للجامعة أو توجيهه بتوفير التخصصات العلميّة التي يحتاجها سوق العمل، فقد أنشأت الجامعة برنامج الأمير سلمان للتعليم من أجل التوظيف للملتحقين بها من خارج الجامعة، كما أسّست مركز الأمير (الملك) سلمان للإدارة المحليّة، والذي يهدف إلى إجراء البحوث والدراسات وتخريج وتدريب قيادات في الإدارة المحليّة بنهج الملك سلمان الإداري، تقديراً وعرفاناً لإسهاماته -حفظه الله-، في هذا المجال.
مقام صعب تتضاءل أمامه الكلمات
ختاماً.. تكريم أهالي الرياض لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز هو بلا شك تكريم مستحق لرجل زرع في نفوسهم ولسنين طويلة منهج التكريم والوفاء والاحتفاء. ولكن مهمّة الوفاء والتكريم صعبة.. نعم مهمّة صعبة جدّاً؛ فسلمان الكرم وسلمان والوفاء قضى نحواً من ستة عقود في خدمة المملكة عامة، والرياض وأهلها خاصّة، خاض فيها معارك تنمويّة جسيمة وعلى مستويات واتجاهات كثيرة ومتعدّدة. ولا بد من القول بأنني مهما تحدثت وكتبت عن الملك سلمان بن عبدالعزيز، خاصة في مناسبة تكريمه، فإني أشعر بالقصور لعدم تغطيتي لكثير من الجوانب المهمّة في شخصيته. والعذر في ذلك هو عظمة هذه الشخصيّة وثراء تجربتها وعميق تأثيرها، فالملك سلمان مقام صعب تتضاءل أمامه الكلمات. ولعله من حسن الطالع لهذه المملكة وأهلها أن أراد الله لها سلمان ملكاً يمدّ إليها ما جبل عليه من خير ويقدّم لها ما له من خبرة ودراية ستنقلها بحول الله إلى رفعة أعلى وسموّ أعز .